مذاق العشق المر بقلم سلمي المصري
سمير عينيه في محاولة لكتم المه وقال قصدك ايه
الټفت على بوجهه وتحسس الفراش حتى وصل الى كف ابيه فقبض عليها قائلا ليه بتخبى عننا انا حاسس بيك بتتأوه طول الوقت
حدق سمير فى ولده للحظات هذا الفتى يفاجئه دوما لديه قدرات تفوق المبصرين الأعمى هو من يظن بهذا الطفل العمى تنهد وهو يضغط على كف ولده قائلا معقول يا بابا لسة بتستغرب انا صحيح اعمى بس ربنا ادانى نعمة وحاسة تانية اقوى بكتير من البصر احساسى زى عينيكو بالظبط اللى بتشوفو بيها بيه برسم ملامحكو وبشوف وشوشكو عمرى ما حسيت انى فيه حاجة ناقصة
ابتسم على قائلا حضرتك قررت بعد سنين طويلة نرجع مصر رغم ان ماما ماټت من خمس سنين فليه التوقيت ده بالذات وبعدين طول الوقت حاسس انك تعبان وبتخبى
دمعت عينا سمير فاقتربت يد على تتحسس خده وتمسح دمعته قائلا انا اسف بابا مقصدتش ازعلك انا كنت حابب بس اطمن عليك
كان على يريد ان يكمل حديثه او يسأله عن سر عدم رغبته فى الافصاح عن مرضه ولكنه رضخ لابيه وقال فى ادب حاضر يا بابا
دخلت ايلينا عليهما وقالت في مرح السلام عليكم
رد سمير وعلى وعليكم السلام
ابتسم سمير قائلا اه بس الكافيه خد منى مجهود واضاف بضحكة حاول جيدا ان تبدو طبيعيه الظاهر انى كبرت وعجزت خلاص
قال سمير فى اهتمام طمنينى عليكى اخبار الشغل ايه
مدت ايلينا شفتيها قائلة في سعادة ماشى الحال الشهر اللى اتحطيت فيه تحت الاختبار عدى خلاص وهبدأ اشتغل فى ازياء هتنزل فى الكوليكشن بتاع الموسم الجاى متتخيلش انا قلقانة قد ايه
هزت ايلينا رأسها قائلة التصميمات اللى انا قدمتها تعتبر غريبة شوية ومش عارفة الناس هنا هتستقبلها ازاى
وتنهدت وهى تنظر الى ابيها قائلة انا بحب اكون دايما عند ثقة اللى قدامى ويوسف ادانى ثقته وانا مش عايزة اخذله
تنحنحت ايلينا وقالت ماهو الشركة اللى بيديرها الباش مهندس يوسف وهوا ادانى كل الصلاحيات
نظر سمير فى عينى ابنته للحظات فارتبكت وتراجعت قائلة انا هروح اغير هدومى عشان نتغدى سوا
واتجهت ايلينا الى غرفتها وقفت تتأمل نفسها امام المرآة لحظات وهى تعبث فى شعرها فى شرود وتتساءل لماذا ارتبكت هكذا حين ذكر اسمه لماذا طالعها والدها بتلك النظرة هى لا تنكر مطلقا انها تعجب بذكائه ورجاحة عقله ففى هذا العمر يدير هذا الصرح الكبير ليحفر له اسما ناجحا واضحا فى سوق رجال الاعمال يعجبها انضباطه وجديته وايمانه بموهبتها فقد وافق على المغامرة بطرح عملها فى السوق ولا بد ان تكون على مقدار ثقته تنهدت وهى تضع يدها على شفتيها تنكر تلك الابتسامة التى تلوح على ثغرها وتكرر على نفسها هذا ليس اعجاب امرأة برجل هو مجرد اعجاب بشخص ناجح فتجربة ريان لم تخرج منها بعد نظرت الى الكراس التى رسمت فيه التصاميم بابتسامة وتساءلت هل سيعجبه
اما ما حدث فى صباح اليوم التالى فلم يعجبها هى وتغيرت تلك الصورة التى رسمتها فى خيالها ليوسف لتحل محلها صورة اخرى
الفصل الثالث
تابعته في شرود وهو يتفحص آخر ما أنجزته من تصميمات على حاسوبها الصغير عبثت باحدى أطراف حجابها المتدلية على كتفها في ابتسامة لا تعرف كيف تستوطن شفتيها كلما تأملته عن قرب هكذا نظر اليها بابتسامة رضا محت بسرعة ابتسامتها البلهاء تلك وهو يقول في حماس التصاميم غريبة بس جميلة انا شايف ان شاء الله شركتنا هتنفرد بيها
ازدردت ايلينا ريقها فى ارتباك لا تعرف مصدره ارتباك يصيبها فقط حين يثني على عملها أو ينفحها احدى ابتساماته ارتباك لا تجد له تفسير وتخشى أن تعرف له مبرر أتمنى يا فندم
اغلق يوسف الحاسوب أمامه ونظر لها فى تمعن داعب ذقنه بسبابته لحظات قائلا قلقانة
هزت كتفيها محاولة التظاهر بالثبات من هجوم نظراته المباغت دون أن تتحاشاه قائلة أكيد حضرتك شيلتنى مسئولية واسم المجموعة ودى حاجة مش سهلة أبدا
رفع يوسف حاجبيه وخفضهما قائلا في تقدير مكنتش هعمل كدة لو مكنتش واثق من النجاح واضاف وهو يشبك اصابعه ويميل اليها قليلا معطيا الفرصة لعطره أن يتسلل الى أنفها ليربكها أكثر وواثق كمان انك اضافة كويسة للمجموعة تراجعت للخلف وتنحنحت لتستعد ان ترد مجاملته وقبل أن تفعل فتح الباب فجأة فظنها يوسف هالة مديرة مكتبه ولكنه تفاجىء بما جعل فكه الأسفل يتدلى ببلاهة فقد وقفت فتاة شقراء تبدو فى منتصف العشرينيات تقربيا ترتدى تنورة قصيرة جدا من اللون الاسود لا تتجاوز منتصف فخديها مع سترة من نفس اللون يظهر من تحتها قميص ابيض فتحت أزراره بما يكفى لإظهار جزء لايستهان به من صدرها خطت فى ثقة بكعبها المرتفع الذى تعالى صوت ارتطامه بالارض مع تعالى نبضات قلبه المتوترة اقتربت أكثر وقالت فى دلال وبلكنة أجنبية معربة يوسف تنهد ليعادل أنفاسه المتسارعة والتي تشي بوضوح عن حالة القلق الحادة التي أصابته وحين ركضت فى اتجاهه لترتمى بين ذراعيه ابعدها فى رفق وهو ينظر الى ايلينا فى احراج والتى بدورها كانت تتابع ما يحدث وهى تخفض رأسها أرضا لتهدر نظرات ذهولها بعيدا عنهما نظر يوسف الى الفتاة قائلا فى ڠضب وبفرنسية سليمة جينا ماذا تفعلين هنا وكيف تمكنت من الدخول الى مكتبى
ابتسمت جينا وهى تحاول ان تحيط عنقه بذراعيها لا يوجد احد بالخارج ماذا عزيزى ألم تشتق الى جينا حبيبتك
أنزل يوسف ذراعيها قبل أن يبلغا عنقه قائلا في تأفف لايصح ما تفعلينه هذا أبدا هذا مكان عمل رجاءا توقفى عن هذا واخبريني ماذا جاء بك الى هنا
ابتسمت فى خبث قائلة اتعني الى مصر أم الى عملك
زفر فى نفاذ صبر وهو يترك ذراعيها في ملل الاثنان
مالت بوجهها قليلا لتنسدل خصلة من شعرها على وجهها فى اثارة وهي تقول أنسيت أنني مضيفة طيران ياعزيزي كان لدي رحلة إلى مصر وبمجرد أن وطئت قدمي أرض وطنك قدمت إلى هنا مباشرة لأستزيد برؤية عينيك البنيتين هاتين وملامحك التى أعشقها يا فارسي الجميل
اقتربت جينا وأمسكت بياقة قميصه قائلة في دلال أواثق أنت أنني لم أفعل أم أنني لا استطيع أن أفعل
زفر في ضيق وهو ينزل كفيها أخبرتك أن تتوقفي عن هذا
التفتت جينا الى ايلينا ورمقتها من اخمص قدمها الى رأسها كأنها لم تنتنبه لوجودها سوى الان رفعت الثانية نظراتها اليها هذه المرة لتتواجه العيون بتحد لم يفهم له يوسف معنا نظرت جينا من جديد اليه قائلة وهى تكتف ذراعيها حسنا عزيزى انت تعرف اين انتظرك واعرف جيدا كم تشتاقنى وان تظاهرت بالعكس هل ستأتي
اراد يوسف ان يصرفها من امامه بأى طريقة فهو يخشى من تماديها أكثر من هذا فعض على شفته السفلى قائلا نعم سأفعل
ابتسمت فى ظفر وهى تتراجع للخلف وترسل له قبلة فى الهواء اغمض يوسف عينيه فى تقزز كأنه يمتنع عن استقبال تلك القبلة المجازية الټفت الى ايلينا التى كانت تشيح بوجهها عنه محاولة بقدر المستطاع اخفاء انفعالاتها وصډمتها فيه فقال لها بالفرنسية دون وعي اذهبي الى مكتبك الان ايلينا وسنتابع غدا انتبه للغة وحين هم ان يكرر ما قاله بالعربية وجدها ترد فى حنق بالفرنسية أيضا
حسنا سيدي نتابع غدا
اتسعت حدقتا يوسف وقبل ان تصل الى الباب لترحل ناداها قائلا فى تلعثم انتى بتعرفى فرنساوى
توقفت لحظات قبل ان تستدير له قائلة فرنساوى والمانى وانجليزى بعد اذنك
مرر يوسف يده فى شعره وهو يشده فى غيظ من هذه الفرنسية الغبية لا يحب ان تنتقل تلك الصورة عنه بين موظفينه او اهله وان كان والده قد علم بالمصادفة فلن يسمح لتلك المصادفة بالتكرار من جديد لايعرف حقا هل يمقت نمط حياته هذا ام يحبه ام هو مجرد اعتياد ورهبة من التغيير هل بامكانه ان يغير معتقده عن النساء يوما ما انهن لم يخلقن الا من اجل المتعة وان الزواج بمسئولياته قد يسلبه اياها عض على شفته السفلى فى حنق وهو يتذكر نظرة ايلينا له وحظه العاثر فى معرفتها بالفرنسية بينما كان يتحدث مع جينا بحرية ظنا منه انها لاتفهم اى شىء مما يقول حاول تذكر ماقاله وهو يجول فى مكتبه فى ڠضب حاول التنفيث عنه فرفع سماعة الهاتف اخيرا وطلب من هالة مديرة مكتبه الحضور وفى لحظات كانت أمامه نظر لها يوسف فى ڠضب أرعبها قائلا سيادتك كنتى فين
نظرت له هالة فى تساؤل فواصل يوسف بلهجة لاول مرة يحدثها بها الاقى الناس داخلة عليا من غير معاد وكأنها وكالة من غير بواب سيادتك ملكيش لزمة هنا ولا ايه
قالت هالة بسرعة وفى توتر يافندم انا روحت الحسابات عشان
بسط يوسف كفه امامه قائلا ولا كلمة انتى من النهاردة مش مديرة مكتبى وهنقلك مكان تانى لمعت الدموع فى عينى هالة ولكنها لم تؤثر تماما فى يوسف وحين همت
بالحديث لتسوق له اى مبررات اكتفى يوسف بأن اشار الى الباب وقال فى اصرار على مكتبك وفترة مؤقتة وحد هياخد مكانك فذهبت من امامه وهو يلعنها ويلعن جينا فى سره كلما تذكر ماحدث وڼار غضبه تتأجج اكثر ولا يعرف لما غضبه يتضاعف اكثر لان المصادفة هذه المرة اختارت ايلينا بالذات زفر فى ڠضب وهو يغلق عينيه ويزيح تماما الفكرة عن رأسه نعم هى مختلفة فى كل شىء وذكية ولكن اعجابه بها لا يتعدى اعجابه بموظف نشيط ومجتهد ولا يمكن ان يتخطى اكثر من ذلك فهى فى النهاية مجرد انثى والاناث لديه يخضعن لقاعدة لاتشذ عنها سوى أمه لم يستطع ان يبقى فى مكانه اكثر غادر المجموعة بعد ان ترك خبرا لزين وحسام برحيله وبينما كان يغادر طرد هاجسا قويا عن باله بلا