السبت 23 نوفمبر 2024

روايه

انت في الصفحة 10 من 11 صفحات

موقع أيام نيوز


ابيض كما كان
توجست عدم محاولته التقرب إليها كما توقعت رغم أنها أعدت نفسها حيدا لصده وتعذيبه..لكن عزوفه الغريب أفسد خططتها..انقضى اليوم الثالث ويستعدون جميعهم لسهرة علي إحدي الشواطيء بصحبة الفوج الذي يصاحبهم..لحظها تعرفت علي أكثر من سيدة واندمجت معهم بألفة عجيبة..الحق يقال أ تيمور بترتيب تلك الرحلة.. لكن يظل تساؤلها الحائر عما يخططه.
غاصت أرجل المقاعد برمال الشاطيء المزين بضوء القمر وأعمدة الرصيف المشټعلة تضفي عليه المزيد من الأنارة..مسابقة خفيفة الظل قادها إحدى المدرسين لينال الصغار جوائز متواضعة أبهجت نفوسهم النقية.. والجميل أن طفلها الأكبر عتبة ذو التسع سنوات حصد الكثير منها ثمنا لذكاءه وسرعة. بديهته..كم تفتخر به وهي تراه جوار تيمور.. قلبها يرقيهم من عين كل حاسد.. انتبهت أنهم يعدون لتقديم مسابقة تخص الكبار منهم..تحمست معهم وهي تحاول تخمين طبيعة الفقرة..لكن الغريب أنها وجدت زوجها يقف وحده بالمنتصف وأصبح محط أنظار الحاضرين التقط المكبر الصوتي فارتابت في أمره ترى ماذا يدبر

_أسف ياجماعة اني هاخد من وقت سهرتكم شوية وبخص نفسي بكام دقيقة..باختصار أنا عايزكم تشهدوا على أعتذاري الشديد اللي بقدمه بكل صدق لمراتي اللي قاعدة وسطيكم ومتفاجئة باللي بعمله..قصاد الكل بقولها أنا أسف اني غلطت في حقها..ومش مكسوف من اعتذاري ده قصادكم..ولا عنره هبقلل مني بالعكس.. مش عيب لما نعتذر للي بنحبهم ونراضيهم حتي لو قصاد كل الناس.. العيب اننا لما نجرحهم مانعرفش نداويهم.. وأنا بطلب من شريكة عمري وأم أولادي تقبل اعتذاري وتنسى اللي فات وتفتح معايا صفحة جديدة.
شهقات كل الور تصلها وتذيبها خجلا فوق خجلها..ماذا فعل.. كيف يضعها محط أنظار الجميع هكذا ويعرض أمرهما على العوام..لم تعهده بهذا الجنون من قبل..قابلت عيناها نظرات تغبطها على زوجها..وجدته يقترب إليها بعين يغمرها الحنان والحب 
لم تتوفع يوما أن يتنازل عن كبريائه لأجلها ويراضيها هكذا أمام الجميع..كيف تنكر أن بفعلته هذه ربح عفوها
وقلبها من جديد وردع نيتها لتعذيبه.
أي تعذيب
هو زوجها وحبيب العمر.
إن كان أخطأ فتشهد الله أنها عفت عنه.
ما فعله الآن شفع له.
بل ما فعله منذ أيام بدفاعه عنها أمام والدته
أيضا شفع له.
ستمزق الصفحات السوداء بينهما.
ستمحي سطور الألم والقهر الذي عاشته.
ستعود شروقه وتنعم بشمس عينيه الدافئة.
تخللت الشمس الذهبية ستائرهم وداعبت وجوههما النائمة الهانئة بصوت هامس ناداها شروق.
أشرعت جوهرتيها علي وجهه ليشملها بنظرة هائمة جعلتها تذوب فلم تعد تفرق هل هي تحيا حلما ام هو حقا عاد لأانها من جديد
_ وحشتيني.
بصوت خاڤت قالها مواصل صب عاطفته بوريدها وحشني صباحك بين ايدي..وحشني ريحتك.. أنا بحبك يا شروق..مش عايز نفترق تاني مهما حصل.
أغمضت عيناها بنشوة ثم أشرعتهما محيطة وجنتيه براحتيها وأنا كمان بحبك ووحشتني اوي يا تيمور.
لثمها قبل أن يهمس سامحتيني من قلبك
أكتست ابتسامتها جاذبيه أسرته وهي تجيبه
سامحتك وهبدأ معاك من جديد..خلاص مبقاش جويا عتاب ولا لوم..مكنتش محتاجة أكتر من إنك تنصفني وتحس بۏجعي كان ازاي..دفاعك وتمسكك بيا وبولادنا قصاد والدتك له قيمة كبيرة عندي وعارفة انه مكانش سهل عليك تعصى ليها أمر..خصوصا انها لسه تعبانة.
ضاقت عينيه بدهشة حقيقية لحظة بس!
دفاعي عنك ده معناه أنك
_ أيوة.. سمعت كل حاجة دارت بينك وبين والدتك يا تيمور صدفة خلتني انزل الشقة اخد حاجات تخصني فسمعتكم.. ماتتصورش وقتها ازاي كان شعوري.. كنت فرحانة بكلامك اوي.. حسيت ان خلاص مبقاش جوايا زعل ولا عتاب.. كأنك غسلت روحي من جديد ورجعتها زي ما كانت.
ابتسمت وهي تتبين نظرته الحانقة ولما انتي سمعتيني ياهانم وغسلت روحك زي ما بتقولي..ليه فضلتي مة وشك الخشب اللي جنني طول الفترة اللي فاتت ها
قهفهت بقوة لتقول بعدها بمشاغبة تستاهل كنت لازم اخليك تلف حوالين نفسك وتفضل تفكر ازاي تصالحني..امال انت فاكر رضايا بالساهل كده!
ظل يحدجها وتعبيرات وجهه مقفولة لا تشي بحالته غاضب غير ذلك لا تدري.
_ رتك هتفضل تصورني كده ماتتكلم..أنت يا عم انطق.. يا ..
ابتلع باقي حروفها ب بغتة لتتحرر عاطفة ه من جديد..تلاحم دام بينهما حتى انتهى برأسها مغموس به ذراعه تكبلها كأنه مازال لا يصدق عودتهما..
_ الحمد لله انك سمعتي وعرفتي اللي جويا.
ربتت على محترمة صمت لحظتهما الهائمة لتهمس بعد برهة بس تعرف ياتيمور.. لسه زعلانة من حماتي..اقتراحها بجواز مرة تانية جدد صدمتي فيها ومنها.
طيب خاطرها وتمتم عشان خاطري سامحيها واعذريها.. امي روحها كانت في ابراهيم.. عقلها هداها ان دي الطريقة الوحيدة ان ريحته تفضل حواليها.. لكن صدقيني يا شروق ماما بتحبك.. بالله خليكي تسامحيها.
واستطرد بنبرة أمل وبكرة تتعافى وسطينا وترجع أحسن من الأول..لما تلاقي الكل حواليها سعيد وراضي بحياته زي ما هي هتفهم.. وحور وولادها أمانة اخويا اللي مش هفرط فيهم ابدا بس بالاصول والعدل.
_ يعني فعلا لو يوم من الأيام جه نصيب حور مش هتضايق
جاء تساؤلها موافق رغبة ما في نفسها كأنها تضعه في اختبار أخير لترى تأثير قولها عليه ليجيبها بصدق حاسم وصلها صدقه بقوة
_ بالعكس يمكن وقتها ارتاح من ناحيتها..حور من حقها تعيش حياتها وهكون سعيد لو قابلت إنسان يعوضها..والتؤام هيفضلوا ولادنا ولينا.
تنهدت براحة عارمة.. الآن نحرت بقايا مخاوفها ولم يبقى في نفسها شيء..ستبدأ معه مرحلة أكثر استقرارا وسعادة..فليديم الله عليهم سعادتهم من بعد بؤس وشقاء.
_يعني مفيش امل يا حور توافقي أن طريقنا يكون واحد صدقيني مش هسمح ټندمي ابدا انك اتجوزتني أنا شاري ومستعد انتظرك لحد ماتغيري رأيك ..
بثبات من تدرك قرارها جيدا قالت مفيش داعي تنتظر لانه على الفاضي انا خلاص زهدت في الدنيا ولادي هما كل حياتي دلوقت مش هفكر في غيرهم والجواز اتحرم عليا بعد ابراهيم مفيش راجل هيقدر يملى مكانه انت شوف حياتك يابدر وشكرا لوقفتك معايا ودعمك خلينا اخوات وانا اتمنالك تلاقي بنت الحلال اللي تسعدك وتعوضك وتهنيك انت تستاهل كل خير .
اطرق بحزن بعد أن فقد امله الأخير ان توافق علي الاقتران به والبدء من جديد تنهد قبل ان يغمغم
خلاص ياحور اللي يريحك اعمليه ولو مفيش نصيب نكون زوجين بس احنا ولاد عم ودمنا واحد اوعي تتردي تكلميني لما تحتاجي حاجة ارجوكي توعديني بكده ..
_اوعدك يابدر.
هكذا طوت تلك الصفحة للابد .. ستبدأ بعهد أخر لا يشغلها سوى صغارها وحسب ..هم كل عالمها الأن . . .
خلاص رفضتي بدر ابن عمك 
غمغمت ايوة يا شروق ..حرام يتعشم فيا أكتر من كده .. خليه يشوف حياته ويعيش انا وهبت عمري لولادي ربنا يقدرني واربيهم زي ما كان ابوهم بيتمنى .
_ ان شاء الله ياحبيبتي هيتربوا احسن تربية. الأيام بتعدي وبكرة يكبروا ويبقوا سندك وعزوتك ..وربنا يجبر خاطرك بيهم ياحور .
_نفسي حد من ولادي يطلع دكتور ياحور ..وابقا ابو الدكتور..
_ وانا عايزة ابو ام المهندس ياهيما..
تنهد قائلا ربنا يقدرنا ويطلعوا زي ما بنحلم واحسن.. واستطرد عارفة كمان حلمي يبقا ليا
عمارة صغيرة واعمل لكل واحد فيهم شقة.. وكلنا نكون سوا.. وبكلما يكبروا ويتجوزوا يملوا الدنيا علينا بولادهم.
شاكسته وقتها هتكون خلاص عجوز وكركوبة ياهيما .
_ ايه يعني عشان افضالك ياجميل وادلعك بقا .
قهقهت بدلال ياراجل انت هيبقا فيك حيل وقتها وانا هبقا بنضارة وحالتي حالة ..اوعي ياهيما متحبنيش اما اكبر وتقول دي بقيت عجوزة ووحشة ومكرمشة ..
_ علي اساس انا هبقا شباب منا هكبر زيك .
_ لا يا اخويا ما انتم يا رجالة كل اما بتكبروا عيونكم بتزوغ اكتر وبتطبقوا الشرع بحذافيره ..واخدلي بالك ياهيما . بس وربنا وقتها هك مش هتكلفني غير كيلو بطاس .
قهقه بقوة حتي سعل.
كأنها تسمع صدي ضحكاته الأن .. ابراهيم هنا ..روحه تعبا المكان .. أطياف ذكرايتهما معا تصاحبها في كل وقت ..لا تتركها وحيدة ..هي تتأنس برصيدهما القصير هذا ..
_ حور معلش انزلي لحماتي وغديها انا خلصت أكلها الأول عشان تاخد علاجها ..
اطاعتها قبل ان تتوقف ثانيا شروق انا ملاحظة انك بتتجنبي حماتك دايما تيني لرعايتها واوعي تفهميني غلط والله ما مضايقة بالعكس كفاية انها أم الغالي اللي كانت روحه فيها بس عايزة افهم حصل ايه ببنكم 
في فترة كده ملخبطة عدت عليا مكنتش دارية باللي حواليا بس حاسة حاجة اتغيرت صارحيني لو مش يضايقك يعني .
شخصت عين شروق صامته قبل ان تهمس مش كل حاجة ينفع تتقال يا حور احيانا لازم ترمي تفاصيل كتير كانت صعبة في حياتك في قلب بير مالوش قرار عشان تعرفي تعيشي الحاضر وتبني مستقبل اما الماضي راح ..حتي لو لسه وجعه حي جواكي بس بكفي انك بتحمي اللي حواليكي من شظاياه ..
_ شروق مال كلامك غريب كده كأنه طلاسم انا مش فاهمة حاجة خالص ..بير ايه وبتحمينا من ايه
_ من فضولك يا هانم .
فضلت ان تواري شجنها بمزاح زائف مواصلة
انزلي ياحور عشان معاد علاجها قرب وماتفكريش كتير سيبي الدنيا تمشي زي ما هي .
رضخت لها قائلة ماشي اديني هسكت وربنا يصلح الحال .ويهدي النفوس.
غامت عين شروق وهي تطالع أثرها مع همهمة خاڤتة
ياريت فعلا النفوس تهدي وتروق تاني يا حور ..
بشفقة تراقبها وهي تغدو وتجيء أمامها تطالع النافذة كل دقيقة علها تلمح أحدا لتربت علي كتفها
_ أهدي ياحور مش كده والله انا حاسة إن ربنا هيجبرنا فيهم وهنملي الدنيا زغاريط انهاردة.
غمغمت وهي تراقب بتوتر بالغ حيز الشارع خارج نافذتها يارب يا شروق.. أنا كل أملي ربنا يراضيني في عيالي ابراهيم وخديجة ويتخرجوا ويحققوا حلم ابوهم الله يرحمه.
_ هيحصل أنا عمري قولت حاجة وخابت
هنا التفتت إليها وفاض من عيناها سيل من شكر وامتنان لتلك المخلوق التي كانت تغار منها يوما.. لم تكن تعلم أن الأيام أدخرتها لها گ شقيقة لم تلدها أمها..خاصتا بعد ۏفاة والديها..
_ أرد جمايلك ازاي يا شروق وقفتك جنبي ودعمك عمري ما هقدر انساه أو ارده.. حتى تيمور عمهم مستحيل انسى رعايته ليا ولولادي كأنهم ولاده وأكتر.
لامتها برفق أخص عليكي ياحور هو في بنا شكر وكلام من ده أحنا عيلة واحدة ودايما هنكون عون لبعضينا.. ولادك مايتخيروش عن ولادنا.. كلهم اخوات ودم واحد.
_ نجحت ياماما .. أنا وخديجة نجحنا في الثانوية يا طنط ..عدينا 98 باركولنا ياناس نجحنا .
بزوبعة صاخبة اقتحم ابراهيم الصغير جلستهما وهو يصيح بسعادة ليتلقفه حور باكية وذراعين ترتعش من فرط فرحتها .. لا تصدق أنه حصد لها تلك الفرحة بنجاحه .. حصاد ستضيفه لما حققته معهم وهي تحدث روح زوجها بخلوتها .. هاهي تمضي على دربه كما كان يتمنى .
_وسعي بقي هو انا ماليش حق اباركله.
وقارنت قولها ألف مبروك يا ابراهيم رفعت راسنا وفرحت قلوبنا الله يريح
 

10  11 

انت في الصفحة 10 من 11 صفحات